على اللاواء والمطاولة، ومصافحتنا بجباهنا السيوف 4 المرهفة، ومباشرتنا بنحورنا حد الأسنة، هل خمنا (1) عن كرائم تلك المواقف؟ أم لم نبذل مهجنا للمتألف؟ وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود، ولا يوم مشهود، ولا أثر معدود، وإنهما شهدا ما لو شهدت لأقلقك فأربع على ظلعك، ولا تتعرض لما ليس لك، فإنك كالمغروز في صفد، لا يهبط برجل، ولا يرقى بيد.
فقال زياد: يا بن عباس، إني لأعلم ما منع حسنا وحسينا من الوفود معك على أمير المؤمنين إلا ما سولت لهما أنفسهما، وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما، وأيم الله لو وليتهما لأدأبا في الرحلة إلى أمير المؤمنين أنفسهما، ولقل بمكانهما لبثهما.
فقال ابن عباس: إذن والله يقصر دونهما باعك، ويضيق بهما ذراعك، ولو رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا، صبرا على البلاء، لا يخيمون عن اللقاء، فلعركوك بكلاكلهم، ووطؤوك بمناسمهم، وأوجروك مشق رماحهم، وشفار سيوفهم ووخز أسنتهم، حتى تشهد بسوء ما أتيت، وتتبين ضياع الحزم فيما جنيت، فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الأمنية، وتكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما، وسعيا في اختلافها، بعد ائتلافهما، حيث لا يضرهما إبساسك ولا يغنى عنهما إيناسك.
فقال عبد الرحمن بن أم الحكم: لله در ابن ملجم! فقد بلغ الامل، وأمن الوجل، وأحد الشفرة والآن المهرة، وأدرك الثار، ونفى العار، وفاز بالمنزلة العليا، ورقى الدرجة القصوى.
فقال ابن عباس: أما والله: لقد كرع كأس حتفه بيده، وعجل الله إلى النار بروحه،