وغشيهم عبد الله بن جعفر، فأدناه معاوية وقربه، فمال عمرو إلى بعض جلساء معاوية فنال من علي عليه السلام جهارا غير ساتر له، وثلبه ثلبا قبيحا.
فالتمع لون عبد الله بن جعفر واعتراه أفكل (1) حتى أرعدت خصائله، ثم نزل عن السرير كالفنيق (2)، فقال عمرو: مه يا أبا جعفر! فقال له عبد الله: مه لا أم لك!
ثم قال:
أظن الحلم دل على قومي * وقد يتجهل الرجل الحليم.
ثم حسر عن ذراعيه، وقال: يا معاوية، حتام نتجرع غيظك؟ وإلى كم الصبر على مكروه قولك، وسيئ أدبك، وذميم أخلاقك؟ هبلتك الهبول (3)! أما يزجرك ذمام المجالسة عن القذع لجليسك، إذا لم تكن لك حرمة من دينك تنهاك عمالا يجوز لك! أما والله لو عطفتك أواصر الأرحام، أو حاميت على سهمك من الاسلام، ما أرعيت بنى الإماء المتك (4)، والعبيد الصك أعراض قومك.
وما يجهل موضع الصفوة (5) إلا أهل الجفوة، وإنك لتعرف وشائظ (6) قريش وصبوة غرائزها، فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطئك في سفك دماء المسلمين، ومحاربا أمير المؤمنين، إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه. فاقصد لمنهج الحق، فقد طال عمهك (7) عن سبيل الرشد، وخبطك في بحور ظلمة الغي.