فإن أبيت ألا تتابعنا في قبح اختيارك لنفسك، فأعفنا من سوء القالة فينا، إذا ضمنا وإياك الندى، وشأنك وما تريد إذا خلوت، والله حسيبك، فوالله لولا ما جعل الله لنا في يديك لما أتيناك.
ثم قال: إنك إن كلفتني ما لم أطق، ساءك ما سرك منى من خلق.
فقال معاوية: يا أبا جعفر، أقسمت عليك لتجلسن، لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره. محمول لك ما قلت، ولك عندنا ما أملت، فلو لم يكن محمدك ومنصبك لكان خلقك وخلقك شافعين لك إلينا، وأنت ابن ذي الجناحين وسيد بني هاشم.
فقال عبد الله: كلا، بل سيد بني هاشم حسن وحسين، لا ينازعهما في ذلك أحد.
فقال: أبا جعفر، أقسمت عليك لما ذكرت حاجة لك إلا قضيتها كائنة ما كانت، ولو ذهبت بجميع ما أملك، فقال: أما في هذا المجلس فلا، ثم انصرف.
فأتبعه معاوية بصره، وقال: والله لكأنه رسول الله صلى الله عليه وآله، مشيه وخلقه وخلقه، وإنه لمن مشكاته، ولوددت أنه أخي بنفيس ما أملك.
ثم التفت إلى عمرو، فقال: أبا عبد الله، ما تراه منعه من الكلام معك؟ قال: مالا خفاء به عنك، قال: أظنك تقول إنه هاب جوابك، لا والله، ولكنه ازدراك واستحقرك، ولم يرك للكلام أهلا، أما رأيت إقباله على دونك ذاهبا بنفسه عنك؟
فقال عمرو: فهل لك أن تسمع ما أعددته لجوابه؟ قال معاوية اذهب إليك أبا عبد الله، فلات حين جواب سائر اليوم.
ونهض معاوية وتفرق الناس.
* * *