الحيوانات كلها على ما تزعم المعتزلة، فتلك الأجزاء المفروضة، إما أن تحشر أجزاء من بنية الانسان، أو بنية السبع، أو منها معا، فإن كان الأول وجب ألا يحشر السبع، وإن كان الثاني وجب ألا يحشر الانسان، والثالث محال عقلا، لان الجزء الواحد لا يكون في موضعين.
قلت: إن في بدن كل إنسان وكل حيوان أجزاء أصلية وأجزاء زائدة، فالاجزاء الزائدة يمكن أن تصير أجزاء بدن حيوان إذا اغتذى بها، والاجزاء الأصلية لا يمكن ذلك فيها بل يحرسها الله تعالى من الاستحالة والتغيير، وإذا كان كذلك، أمكن الحشر بأن تعاد الأجزاء الأصلية إلى موضعها الأول، ولا فساد في استحالة الاجزاء الزائدة، لأنه لا يجب حشرها، لأنها ليست أصل بنية المكلف، فاندفع الاشكال. وأما من يقول بالنفس الناطقة من أهل الملة، فلا يلزمه الجواب عن السؤال، لأنه يقول: إن الأنفس إذا أزف يوم القيامة، خلقت لها أبدان غير الأبدان الأولى، لان المكلف المطيع والعاصي المستحق للثواب والعقاب عندهم، هو النفس، وأما البدن فآلة لها تستعمله استعمال الكاتب للقلم، والنجار للفأس.
* * * الأصل:
عباد مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا، ومقبوضون احتضارا، ومضمنون أجداثا، وكائنون رفاتا، ومبعوثون أفرادا، ومدينون جزاء، ومميزون حسابا. قد أمهلوا في طلب المخرج، وهدوا سبيل المنهج، وعمروا مهل المستعتب، وكشفت عنهم سدف الريب، وخلوا لمضمار الجياد، وروية الارتياد، وأناة المقتبس المرتاد، في مدة الاجل، ومضطرب المهل.
* * *