ابن معاوية وبنيه، ويطلبون الامرة لهم، فكان الضحاك يعمل في ذلك سرا، وبلغ حسان بن مالك بن بحدل ما أجمع عليه الضحاك، فكتب إليه كتابا يعظم فيه حق بنى أمية، ويذكر الطاعة والجماعة وحسن بلاء بنى أمية عنده وصنيعهم إليه، ويدعوه إلى بيعتهم وطاعتهم ويذكر ابن الزبير ويقع فيه ويشتمه، ويذكر أن منافق قد خلع خليفتين، وأمره أن يقرأ كتابه على الناس، ثم دعا رجلا من كلب يقال له ناغضة، فسرح بالكتاب معه إلى الضحاك بن قيس، وكتب حسان نسخة ذلك الكتاب، ودفعه إلى ناغضة، وقال له: أن قرأ الضحاك كتابي على الناس، وإلا فقم أنت واقرأ هذا الكتاب عليهم، وكتب حسان إلى بنى أمية يأمرهم أن يحضروا ذلك، فقدم ناغضة، بالكتاب على الضحاك، فدفعه إليه، ودفع كتاب بنى أمية إليهم سرا.
فلما كان يوم الجمعة، وصعد الضحاك على المنبر، وقدم إليه ناغضة، فقال: أصلح الله الأمير! ادع بكتاب حسان فاقرأه على الناس، فقال له الضحاك: اجلس، فجلس ثم قام ثانية فتكلم مثل ذلك، فقال له: اجلس، فجلس ثم قام ثالثة وكان كالثانية والأولى، فلما رآه ناغضة لا يقرأ الكتاب أخرج الكتاب الذي معه، فقرأه على الناس، فقام الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فصدق حسان، وكذب ابن الزبير وشتمه، وقام يزيد بن أبي النمس الغساني، فصدق مقالة حسان، وكتابه وشتم ابن الزبير، وقام سفيان بن أبرد الكلبي، فصدق مقالة حسان وشتم ابن الزبير، وقام عمر بن يزيد الحكمي، فشتم حسان، وأثنى على ابن الزبير، فاضطرب الناس، ونزل الضحاك بن قيس، فأمر بالوليد بن عتبة، وسفيان بن الأبرد، ويزيد بن أبي النمس الذين كانوا صدقوا حسان، وشتموا ابن الزبير، فحبسوا، وجال الناس بعضهم في بعض، ووثبت كلب على عمر بن يزيد الحكمي فضربوه، وخرقوا ثيابه، وقد كان قام خالد بن يزيد بن معاوية فصعد مرقاتين من المنبر، وهو يومئذ غلام، والضحاك بن قيس فوق المنبر، فتكلم بكلام أوجز فيه، لم يسمع بمثله، ثم نزل.