فلما اجتمع رأيهم على بيعته، واستمالوا حسان بن بحدل إليها، قام روح بن زنباع الجذامي، فحمد الله وأثنى عليه، فقال:
أيها الناس، إنكم تذكرون لهذا الامر عبد الله بن عمر بن الخطاب، وتذكرون صحبته لرسول الله صلى الله عليه، وقدمه في الاسلام، وهو كما تذكرون، لكنه رجل ضعيف، وليس صاحب أمة محمد بالضعيف، وأما عبد الله بن الزبير وما يذكر الناس من أمره، وأن أباه حواري رسول الله صلى الله عليه، وأمة أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، فهو لعمري كما تذكرون، ولكنه منافق قد خلع خليفتين: يزيد وأباه معاوية، وسفك الدماء، وشق عصا المسلمين، وليس صاحب أمة محمد صلى الله عليه بالمنافق، وأما مروان بن الحكم فوالله ما كان في الاسلام صدع قط إلا كان مروان ممن يشعب ذلك الصدع، وهو الذي قاتل عن عثمان بن عفان يوم الدار، والذي قاتل علي بن أبي طالب يوم الجمل، وإنا نرى للناس أن يبايعوا الكبير، ويستشبوا (1) الصغير - يعنى بالكبير مروان، وبالصغير خالد بن يزيد.
فاجتمع رأى الناس على البيعة لمروان، ثم لخالد بن يزيد من بعده، ثم لعمرو بن سعيد بن العاص بعدهما، على أن تكون في أيام خلافة مروان إمرة دمشق لعمرو بن سعيد، وإمرة حمص لخالد بن يزيد. فلما استقر الامر على ذلك، دعا حسان بن بحدل خالد بن يزيد، فقال: يا بن أختي، إن الناس قد أبوك لحداثة سنك، وإني والله ما أريد هذا الامر إلا لك ولأهل بيتك، وما أبايع مروان إلا نظرا لكم، فقال خالد: بل عجزت عنا، فقال:
لا والله لم أعجز عنك، ولكن الرأي لك ما رأيت.
ثم إن حسان دعا مروان بن الحكم، فقال له: يا مروان، أن الناس كلهم لا يرضون