نظهر ما كنا نسر، وندعو إلى طاعة ابن الزبير، ونقاتل عليها. فمال الضحاك بمن معه من الناس، وانخزل من بنى أمية ومن معهم من قبائل اليمن فنزل مرج راهط.
قال أبو جعفر: واختلف في أي وقت كانت الوقعة بمرج راهط فقال الواقدي: كانت في سنة خمس وستين. وقال غيره: في سنة أربع وستين.
* * * قال أبو جعفر: وسارت بنو أمية ولفيفها حتى وافوا حسان بالجابية، فصلى بهم أربعين يوما، والناس يتشاورون، وكتب الضحاك بن قيس من مرج راهط إلى النعمان بن بشير الأنصاري، وهو على حمص يستنجده، وإلى زفر بن الحارث وهو في قنسرين، وإلى نائل بن قيس وهو على فلسطين ليستمدهم، وكلهم على طاعة ابن الزبير، فأمدوه، فاجتمعت الأجناد إليه بمرج راهط، وأما الذين بالجابية فكانت أهواؤهم مختلفة، فأما مالك ابن هبيرة السلولي، فكان يهوى هوى يزيد بن معاوية، ويحب أن تكون الخلافة في ولده، وأما حصين بن نمير السلولي، فكان يهوى هوى بنى أمية، ويحب أن تكون الخلافة لمروان بن الحكم، فقال مالك بن هبيرة للحصين بن نمير: هلم فلنبايع لهذا الغلام الذي نحن ولدنا أباه، وهو ابن أختنا، فقد عرفت منزلتنا التي كانت من أبيه، إنك إن تبايعه يحملك غدا على رقاب العرب - يعنى خالد بن يزيد - فقال الحصين: لا لعمر الله، لا يأتينا العرب بشيخ، ونأتيها بصبي! فقال مالك: أظن هواك في مروان! والله إن استخلفت مروان ليحسدنك على سوطك وشراك نعلك، وظل شجرة تستظل بها. إن مروان أبو عشرة، وأخو عشرة، وعم عشرة، فإن بايعتموه كنتم عبيدا لهم، ولكن عليكم بابن أختكم خالد بن يزيد، فقال الحصين: إني رأيت في المنام قنديلا معلقا من السماء، وإنه جاء كل من يمد عنقه إلى الخلافة ليتناوله، فلم يصل إليه. وجاء مروان فتناوله، والله ولنستخلفنه.