﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ (1).
قلت: الصلاة من الله تعالى هي الاكرام والتبجيل ورفع المنزلة، والصلاة منا على النبي صلى الله عليه وآله هي الدعاء له بذلك، فقوله سبحانه: (هو الذي يصلى عليكم) (2) أي هو الذي يرفع منازلكم في الآخرة، وقوله: (وملائكته) أي يدعون لكم بذلك.
وقيل: جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون التعظيم للمؤمن ورفع المنزلة، ونظيره قوله (حياك الله) أي أحياك الله وأبقاك، وحييتك أي دعوت لك بأن يحييك، لأنك لاعتمادك على إجابة دعوتك ووثوقك بذلك، كأنك تحييه وتبقيه على الحقيقة، وهكذا القول في قوله سبحانه: (إن الله وملائكته يصلون على النبي).
وقد اختلف في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله: هل هي واجبة. أم لا؟
فمن الناس من لم يقل بوجوبها، وجعل الامر في هذه الآية للندب.
ومنهم من قال: إنها واجبة. واختلفوا في حال وجوبها، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره، وفى الحديث: (من ذكرت عنده فلم يصل على دخل النار وأبعده الله)، ومنهم من قال: تجب في كل مجلس مرة واحدة، وإن تكرر ذكره. ومنهم من أوجبها في العمر مرة واحدة، وكذلك قال في إظهار الشهادتين.
واختلف أيضا في وجوبها في الصلاة المفروضة، فأبو حنيفة وأصحابه لا يوجبونها فيها وروى عن إبراهيم النخعي أنهم كانوا يكتفون - يعنى الصحابة - عنها بالتشهد، وهو:
(السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، وأوجبها الشافعي وأصحابه. واختلف أصحابه في وجوب الصلاة على آل محمد صلى الله عليه وآله، فالأكثرون على أنها واجبة، وأنها شرط في صحة الصلاة.