شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٦٠
أمر الخوارج، فقال قوم: ول عبد الله بن أبي بكرة، وقال قوم: ول عمر بن عبيد الله بن معمر، وقال قوم: ليس لهم إلا المهلب فاردده إليهم، وبلغت المشورة الخوارج فأداروا الامر بينهم، فقال قطري بن الفجاءة المازني - ولم يكن أمروه عليهم بعد -: إن جاءكم عبد الله بن أبي بكرة أتاكم سيد سمح كريم جواد مضيع لعسكره، وإن جاءكم عمر بن عبيد الله أتاكم فارس شجاع، بطل جاد، يقاتل لدينه ولملكه، وبطبيعة لم أر مثلها لأحد، فقد شهدته في وقائع، فما نودي في القوم لحرب إلا كان أول فارس، حتى يشد على قرنه ويضربه، وإن رد المهلب فهو من قد عرفتموه، إذا أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الاخر، يمده إذا أرسلتموه، ويرسله إذا مددتموه، لا يبدؤكم إلا أن تبدأوه، إلا أن يرى فرصة فينتهزها، فهو الليث المبر (1)، والثعلب الرواغ، والبلاء المقيم.
فولى مصعب عليهم عمر بن عبيد الله بن معمر، ولاه فارس، والخوارج بأرجان يومئذ، وعليهم الزبير بن علي السليطي، فشخص إليهم فقاتلهم، وألح عليهم حتى أخرجهم منها، فألحقهم بأصبهان، فلما بلغ المهلب أن مصعبا ولى حرب الخوارج عمر بن عبيد الله، قال: رماهم بفارس العرب وفتاها. فجمع الخوارج له، وأعدوا واستعدوا، ثم أتوا سابور (2). فسار إليهم حتى نزل منهم على أربعة فراسخ، فقال له مالك بن أبي حسان الأزدي: إن المهلب كان يذكى العيون، ويخاف البيات، ويرتقب الغفلة، وهو على أبعد من هذه المسافة منهم.
فقال عمر: اسكت، خلع الله قلبك! أتراك تموت قبل أجلك! وأقام هناك، فلما كان ذات ليلة بيته الخوارج، فخرج إليهم فحاربهم حتى أصبح، فلم يظفروا منه بشئ.
فأقبل على مالك بن أبي حسان، فقال: كيف رأيت؟ فقال: قد سلم الله، ولم يكونوا

(1) المبر: الغالب، أبر عليه، إذا غلبه.
(2) سابور: كورة مشهورة بأرض فارس، بينها وبين شيراز خمسة وعشرون فرسخا.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232