عثمان إليهم دجيلا، نهضت إليه الخوارج، فقال عثمان لحارثة: ما الخوارج إلا ما أرى، فقال حارثة: حسبك بهؤلاء! قال: لا جرم! لا أتغدى حتى أناجزهم، فقال حارثة:
إن هؤلاء القوم لا يقاتلون بالتعسف، فأبق على نفسك وجندك، فقال: أبيتم يا أهل العراق إلا جبنا! وأنت يا حارثة ما علمك بالحرب! أنت والله بغير هذا أعلم - يعرض له بالشراب، وكان حارثة بن بدر صاحب شراب - فغضب حارثة، فاعتزل، وحاربهم عثمان يومه إلى أن غربت الشمس، فأجلت الحرب عنه قتيلا، وانهزم الناس، وأخذ حارثة بن بدر الراية، وصاح بالناس: أنا حارثة بن بدر! فثاب إليه قوم فعبر بهم دجيلا، وبلغ قتل عثمان البصرة، فقال شاعر من بنى تميم:
مضى ابن عبيس صابرا غير عاجز * وأعقبنا هذا الحجازي عثمان (1) فأرعد من قبل اللقاء ابن معمر * وأبرق، والبرق اليماني خوان (2) فضحت قريشا غثها وسمينها * وقيل بنو تيم بن مرة عزلان (3) فلو لا ابن بدر للعراقين لم يقم * بما قام فيه للعراقين إنسان إذا قيل من حامى الحقيقة؟ أومأت * إليه معد بالأكف وقحطان ووصل الخبر إلى عبد الله بن الزبير بمكة، فكتب إلى عمر بن عبيد الله بن معمر بعزله، وولى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المعروف بالقباع (4) البصرة، فقدمها، فكتب إليه حارثة بن بدر يسأله الولاية والمدد، فأراد توليته، فقال له رجل من بكر بن