شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٣٧
أما بعد، فإن عهدي بك وأنت لليتيم كالأب الرحيم، وللضعيف كالأخ البر، تعاضد قوى المسلمين، وتصنع للأخرق منهم، لا تأخذك في الله لومة لائم، ولا ترى معونة ظالم، كذلك كنت أنت وأصحابك، أولا (1) تتذكر قولك: لولا أنى أعلم أن للامام العادل مثل أجر رعيته ما توليت أمر رجلين من المسلمين! فلما شريت نفسك في طاعة ربك ابتغاء مرضاته، وأصبت من الحق فصه (2)، وصبرت على مره، تجرد لك الشيطان، ولم يكن أحد أثقل عليه وطأة منك ومن أصحابك، فاستمالك واستهواك، وأغواك فغويت، وأكفرت الذين عذرهم الله تعالى في كتابه، من قعدة المسلمين وضعفتهم، قال الله عز وجل، وقوله الحق، ووعده الصدق: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) (3): ثم سماهم تعالى أحسن الأسماء فقال: (ما على المحسنين من سبيل) (4) ثم استحللت قتل الأطفال، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم عن قتلهم، وقال الله جل ثناؤه: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (4)، وقال سبحانه في القعدة خيرا، فقال: (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) (5) فتفضيله المجاهدين على القاعدين لا يدفع منزلة من هو دون المجاهدين، أو ما سمعت قوله تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر) (6) فجعلهم من المؤمنين. [وفضل عليهم المجاهدين بأعمالهم] (7) ثم إنك لا تؤدى أمانة إلى من خالفك، والله تعالى قد أمر أن تؤدى الأمانات إلى أهلها. فاتق الله في نفسك، واتق يوما لا يجزى فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، فإن الله بالمرصاد، وحكمه العدل، وقوله الفصل. والسلام (8).

(1) الكامل: (أما) (2) فصه: كنهه (3) سورة التوبة 91 (4) سورة الإسراء 15 (5) سورة النساء 95 (6) سورة النساء 95 (7) من كتاب الكامل (8) الكامل 612 (طبع أوروبا)
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232