بالنخيلة، فنادى الحارث في الناس بذلك، وبعث إلى مالك بن حبيب اليربوعي صاحب شرطته، يأمره أن يحشر الناس إلى المعسكر، ودعا عقبة بن عمرو الأنصاري، فاستخلفه على الكوفة - وكان أصغر أصحاب العقبة السبعين، ثم خرج عليه السلام، وخرج الناس معه.
قال نصر: ودعا علي عليه السلام زياد بن النضر وشريح بن هانئ - وكانا على مذحج والأشعريين - فقال: يا زياد، اتق الله في كل ممسي ومصبح، وخف على نفسك الدنيا الغرور، لا تأمنها على حال واعلم أنك إن لم تزعها عن كثير مما تحب مخافة مكروهه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي و الظلم والعدوان، فإني قد وليتك هذا الجند، فلا تستطيلن عليهم، إن خيركم عند الله أتقاكم، تعلم من عالمهم، وعلم جاهلهم، واحلم عن سفيههم، فإنك إنما تدرك الخير بالحلم وكف الأذى والجهل (1).
فقال زياد: أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك، مؤديا لأربك، يرى الرشد في نفاذ أمرك، والغي في تضييع عهدك.
فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد ولا يختلفا، وبعثهما في اثنى عشر ألفا على مقدمته، وكل واحد منهما على جماعة من ذلك الجيش، فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة، ولا يقرب زيادا، فكتب زياد إلى علي عليه السلام مع مولى له يقال له شوذب:
لعبد الله على أمير المؤمنين، من زياد بن النضر:
سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإنك وليتني أمر