بصبر وجد. فنادى به الأشتر: يا بن العاص، أما والله لقد نزلنا هذه الفرضة، وإنا لنريد القتال على البصائر والدين، وما قتالنا سائر اليوم إلا حمية.
ثم كبر الأشتر وكبرنا معه وحملنا، فما ثار الغبار حتى انهزم أهل الشام.
قالوا: فلقى عمرو بن العاص بعد انقضاء صفين الأشعث، فقال له: يا أخا كندة، أما والله لقد أبصرت صواب قولك يوم الماء، ولكن كنت مقهورا على ذلك الرأي، فكابرتك بالتهدد والوعيد، والحرب خدعة.
قال نصر: ولقد كان من رأى عمرو التخلية بين أهل العراق والماء. ورجع معاوية بأخرة إلى قوله بعد اختلاط القوم في الحرب، فإن عمرا - فيما روينا - أرسل إلى معاوية أن خل بين القوم وبين الماء، أترى القوم يموتون عطشا وهم ينظرون إلى الماء! فأرسل معاوية إلى يزيد بن أسد القسري: أن خل بين القوم وبين الماء يا أبا عبد الله، فقال يزيد - وكان شديد العثمانية -: كلا والله لنقتلنهم عطشا كما قتلوا أمير المؤمنين.
* * * قال: فحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، قال: خطب علي عليه السلام يوم الماء فقال:
(أما بعد، فإن القوم قد بدأوكم بالظلم، وفاتحوكم بالبغي، واستقبلوكم بالعدوان، وقد استطعموكم القتال حيث منعوكم الماء، فأقروا على مذلة وتأخير مهلة.....)، الفصل إلى آخره.
قال نصر: وكان (1) قد بلغ أهل الشام أن عليا عليه السلام جعل للناس إن فتح الشام أن يقسم بينهم التبر والذهب - وهما الأحمران - وأن يعطى كلا منهم خمسمائة كما أعطاهم بالبصرة، فنادى ذلك اليوم منادى أهل الشام: يا أهل العراق، لماذا نزلتم بعجاج