فمن ذا الذي تثنى الخناصر باسمه * سواك، ومن هذا إليه التلفت!
وهل من بقاء بعد يوم وليلة * نظل خفوتا والعدو يصوت! (1) هلموا إلى ماء الفرات ودونه * صدور العوالي والصفيح المشتت وأنت امرؤ من عصبة يمنية * وكل امرئ من سنخه حين ينبت (2) قال: فلما سمع الأشعث قول الرجل، قام فأتى عليا عليه السلام، فقال:
يا أمير المؤمنين، أيمنعنا القوم ماء الفرات، وأنت فينا، والسيوف في أيدينا! خل عنا وعن القوم، فوالله لا نرجع حتى نرده أو نموت، ومر الأشتر فليعل بخيله، ويقف حيث تأمره. فقال علي عليه السلام: ذلك إليكم.
فرجع الأشعث فنادى في الناس: من كان يريد الماء أو الموت فميعاده موضع كذا، فإني ناهض. فأتاه اثنا عشر ألفا من كندة وأفناء قحطان، واضعي سيوفهم على عواتقهم، فشد عليه سلاحه (3) ونهض بهم، حتى كاد يخالط أهل الشام، وجعل يلقى رمحه، ويقول لأصحابه: بأبي وأمي أنتم! تقدموا إليهم قاب رمحي (4) هذا، فلم يزل ذلك دأبه، حتى خالط القوم، وحسر عن رأسه، ونادى: أنا الأشعث بن قيس! خلوا عن الماء.
فنادى أبو الأعور: أما [والله] (5) حتى لا تأخذنا وإياكم السيوف، فقال الأشعث: