وإن لنا أصل جرثومة * ترد الحوادث أيامها ترد الكتيبة مفلولة * بها أفنها وبها ذامها والتحمت الحرب واشتدت، فقال: يا مفضل، احكني بشئ، فذكرت أبياتا لعويف القوافي لما كان ذكره هو من شعره، فأنشدته:
ألا إيها الناهي فزارة بعدما * أجدت لسير، إنما أنت ظالم أبى كل حر أن يبيت بوتره * وتمنع منه النوم إذ أنت نائم أقول لفتيان كرام تروحوا * على الجرد في أفواههن الشكائم قفوا وقفة من يحيى لا يخز بعدها * ومن يخترم لا تتبعه اللوائم وهل أنت إن باعدت نفسك عنهم * لتسلم فيما بعد ذلك سالم فقال: أعد، وتبينت من وجهه أنه يستقتل، فانتهبت وقلت: أو غير ذلك؟ فقال:
لا، بل أعد الأبيات، فأعدتها، فتمطى في ركابيه فقطعهما، وحمل فغاب عنى، وأتاه سهم عائر فقتله، وكان آخر عهدي به عليه السلام.
قلت: في هذا الخبر ما يحتاج إلى تفسير، أما قوله (1):
* إن بنا سورة من الغلق * فالغلق: الضجر وضيق الصدر والحدة، يقال: احتد فلان فنشب في حدته وغلق.
والسورة: الوثوب، يقال: إن لغضبة لسورة، وإنه لسوار، أي وثاب معربد وسورة الشراب: وثوبه في الرأس، وكذلك سورة السم، وسورة السلطان: سطوته واعتداؤه.
وأما قوله: (لمثلكم نحمل السيوف) فمعناه أن غيركم ليس بكفء لنا لنحمل له السيوف وإنما نحملها لكم، لأنكم أكفاؤنا، فنحن نحاربكم على الملك والرياسة، وإن كانت أحسابنا واحدة، وهي شريفة لا مغمز فيها.