علي عليه السلام وعليها الأشتر النخعي مناوشة ليست بالعظيمة، وقد ذكرنا ذلك فيما سبق من هذا الكتاب، وانصرف أبو الأعور عن الحرب راجعا، فسبق إلى الماء فغلب عليه في الموضع المعروف بقناصرين (1) إلى جانب صفين، وساق الأشتر يتبعه، فوجده غالبا على الماء، وكان في أربعة آلاف من مستبصري (2) أهل العراق، فصدموا أبا الأعور وأزالوه عن الماء، فأقبل معاوية في جميع الفيلق بقضه وقضيضه، فلما رآهم الأشتر انحاز إلى علي عليه السلام، وغلب معاوية وأهل الشام على الماء، وحالوا بين أهل العراق وبينه، وأقبل علي عليه السلام في جموعه، فطلب موضعا لعسكره، وأمر الناس أن يضعوا أثقالهم، وهم أكثر من مائة ألف فارس، فلما نزلوا تسرع فوارس من فوارس علي عليه السلام على خيولهم إلى جهة معاوية يتطاعنون ويرمون بالسهام، ومعاوية بعد لم ينزل فناوشهم أهل الشام القتال، فاقتتلوا هويا.
قال نصر: فحدثني عمر بن سعد، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة:
فكتب معاوية إلى علي عليه السلام: عافانا الله وإياك.
ما أحسن العدل والانصاف من عمل * وأقبح الطيش ثم النفش في الرجل وكتب بعده:
اربط حمارك لا تنزع سويته * إذا يرد وقيد العير مكروب (3) ليست ترى السيد زيدا في نفوسهم * كما يراه بنو كوز ومرهوب إن تسألوا الحق نعط الحق سائله * والدرع محقبة والسيف مقروب أو تأنفون فإنا معشر أنف * لا نطعم الضيم إن السم مشروب (4)