قال نصر: وأتم علي عليه السلام صلاته يوم دخل الكوفة، فلما كانت الجمعة خطب الناس، فقال:
الحمد لله الذي أحمده (1) وأستعينه وأستهديه، وأعوذ بالله من الضلالة، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، انتجبه لامره، واختصه بنبوته. أكرم خلقه عليه، وأحبهم إليه، فبلغ رسالة ربه، ونصح لامته، وأدى الذي عليه.
أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله، وأقربه إلى رضوان الله، وخيره في عواقب الأمور عند الله، وبتقوى الله أمرتم، وللاحسان والطاعة خلقتم، فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، فإنه حذر بأسا شديدا، واخشوا خشية ليست بتعذير (2) واعملوا في غير رياء ولا سمعة فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل له، ومن عمل لله مخلصا تولى الله أجره. أشفقوا من عذاب الله، فإنه لم يخلقكم عبثا، ولم يترك شيئا من أمركم سدى، قد سمى آثاركم، وعلم أعمالكم، وكتب آجالكم، فلا تغتروا بالدنيا فإنها غرارة لأهلها، مغرور من اغتر بها، وإلى فناء ما هي، وإن الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون. أسأل الله منازل الشهداء، ومرافقة الأنبياء، ومعيشة السعداء، فإنما نحن به وله (3).
قال نصر: ثم (4) استعمل علي عليه السلام العمال وفرقهم في البلاد، وكتب إلى معاوية مع جرير بن عبد الله البجلي ما تقدم ذكره.