(35) ومن خطبة له عليه السلام بعد التحكيم:
الأصل:
الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح، والحدث الجليل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ليس معه إله غيره، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه.
أما بعد، فإن معصية الناصح الشفيق العالم المجرب، تورث الحسرة، وتعقب الندامة، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، ونخلت لكم مخزون رأيي، لو كان يطاع لقصير أمر! فأبيتم علي إباء المخالفين الجفاة، والمنابذين العصاة، حتى ارتاب الناصح بنصحه، وضن الزند بقدحه، فكنت أنا وإياكم كما قال أخو هوازن:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى * فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد * * * الشرح:
الخطب الفادح: الثقيل. ونخلت لكم، أي أخلصته، من نخلت الدقيق بالمنخل.
وقوله: " الحمد لله وإن أتى الدهر "، أي أحمده على كل حال من السراء والضراء.
وقوله: " لو كان يطاع لقصير أمر "، فهو قصير صاحب جذيمة، وحديثه مع جذيمة ومع الزباء مشهور، فضرب المثل لكل ناصح يعصى بقصير.