وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
قال الشعبي: قال صعصعة: فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث، فقال:
أصاب ورب الكعبة! لئن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذراري أهل الشام ونسائهم، ولتميلن فارس على ذراري أهل العراق ونسائهم! إنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى، ثم قال لأصحابه: اربطوا المصاحف على أطراف القنا.
فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون عن قول معاوية وأمره: يا أهل العراق، من لذرارينا إن قتلتمونا! ومن لذراريكم إذا قتلناكم! الله الله في البقية! وأصبحوا وقد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح، وقد قلدوها الخيل (والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه) (1)، ومصحف دمشق الأعظم يحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح، وهم ينادون: كتاب الله بيننا وبينكم.
وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض، وقد وضع المصحف على رأسه، ينادي: يا أهل العراق، كتاب الله بيننا وبينكم.
قال: فجاء عدي بن حاتم الطائي، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه لم يصب منا عصبة إلا وقد أصيب منهم مثلها (2)، وكل مقروح، ولكنا أمثل بقية منهم، وقد جزع القوم، وليس بعد الجزع إلا ما نحب، فناجزهم (3).
وقام الأشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، إن معاوية لا خلف له من رجاله، ولكن