ومخنف بن سليم، فاركض إليهما، فأعلمهما حالنا، وقل لهما: فلينصرانا ما استطاعا (1)، فأقبلت أركض، وقد تركته وأصحابه يرامون أصحاب ابن بشير بالنبل، فمررت بقرظة فاستصرخته، فقال: إنما أنا صاحب خراج، وليس عندي من أعينه به. فمضيت إلى مخنف بن سليم، فأخبرته الخبر، فسرح معي عبد الرحمن بن مخنف في خمسين رجلا، وقاتل مالك بن كعب النعمان وأصحابه إلى العصر، فأتيناه وقد كسر هو وأصحابه جفون سيوفهم، واستقبلوا الموت (2)، فلو أبطأنا عنهم هلكوا، فما هو إلا أن رآنا أهل الشام، وقد أقبلنا عليهم، فأخذوا ينكصون عنهم ويرتفعون، ورآنا مالك وأصحابه، فشدوا عليهم حتى دفعوهم عن القرية، فاستعرضناهم، فصرعنا منهم رجالا ثلاثة، وارتفع القوم عنا، وظنوا أن وراءنا مددا، ولو ظنوا أنه ليس غيرنا لأقبلوا علينا ولأهلكونا، وحال الليل بيننا وبينهم، فانصرفوا إلى أرضهم. وكتب مالك بن كعب إلى علي (ع).
أما بعد، فإنه نزل بنا النعمان بن بشير في جمع من أهل الشام، كالظاهر علينا، وكان عظم (3)، أصحابي متفرقين، وكنا للذي كان منهم آمنين، فخرجنا إليهم رجالا مصلتين (4)، فقاتلناهم حتى المساء واستصرخنا مخنف بن سليم، فبعث إلينا رجالا من شيعة أمير المؤمنين وولده، فنعم الفتى ونعم الأنصار كانوا، فحملنا على عدونا وشددنا عليهم، فأنزل الله علينا نصره، وهزم عدوه، وأعز جنده. والحمد لله رب العالمين، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.