شديدا وقلب القتلى ظهرا لبطن، فلم يقدر عليه، فساءه ذلك، وجعل يقول: والله ما كذبت، ولا كذبت، اطلبوا الرجل، وإنه لفي القوم، فلم يزل يتطلبه حتى وجده، وهو رجل مخدج اليد، كأنها ثدي في صدره.
وروى إبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: لما شجرهم علي (ع) بالرماح، قال: اطلبوا ذا الثدية، فطلبوه طلبا شديدا، حتى وجدوه في وهدة من الأرض تحت ناس من القتلى، فأتى به، وإذا رجل على ثديه مثل سبلات (1) السنور، فكبر علي (ع)، وكبر الناس معه سرورا بذلك.
وروى أيضا عن مسلم الضبي عن حبة العرني، قال: كان رجلا أسود منتن الريح، له ثدي كثدي المرأة، إذا مدت كانت بطول اليد الأخرى، وإذا تركت اجتمعت وتقلصت وصارت كثدي المرأة، عليها شعرات مثل شوارب الهرة فلما وجدوه قطعوا يده، ونصبوها على رمح، ثم جعل علي (ع) ينادى: صدق الله وبلغ رسوله، لم يزل يقول ذلك هو وأصحابه بعد العصر، إلى أن غربت الشمس أو كادت.
وروى ابن ديزيل أيضا، قال: لما عيل (2) صبر علي (ع) في طلب المخدج، قال: ائتوني ببغلة رسول الله (ص)، فركبها واتبعه الناس، فرأى القتلى، ويقول:
اقلبوا، فيقلبون قتيلا عن قتيل، حتى استخرجوه، فسجد علي (ع).
وروى كثير من الناس أنه لما دعا بالبغلة ليركبها، قال: ائتوني بها، فإنها هادية فوقفت به على المخدج، فأخرجه من تحت قتلى كثيرين.
وروى العوام بن حوشب عن أبيه عن جده يزيد بن رويم، قال: قال علي (ع)