نقتل اليوم أربعة آلاف من الخوارج، أحدهم ذو الثدية، فلما طحن القوم ورام استخراج ذا الثدية فاتبعه، أمرني أن أقطع له أربعة آلاف قصبة، وركب بغلة رسول الله (ص)، وقال: اطرح على كل قتيل منهم قصبة، فلم أزل كذلك وأنا بين يديه، وهو راكب خلفي، والناس يتبعونه حتى بقيت في يدي واحدة، فنظرت إليه وإذا وجهه أربد، وإذا هو يقول: والله ما كذبت ولا كذبت، فإذا خرير ماء عند موضع دالية، فقال: فتش هذا ففتشته، فإذا قتيل قد صار في الماء وإذا رجله في يدي، فجذبتها، وقلت: هذه رجل إنسان، فنزل عن البغلة مسرعا، فجذب الرجل الأخرى، وجررناه، حتى صار على التراب، فإذا هو المخدج فكبر علي (ع) بأعلى صوته، ثم سجد، فكبر الناس كلهم.
وقد روى كثير من المحدثين أن النبي (ص) قال لأصحابه يوما: (إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله،) فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله؟ فقال: (لا)، فقال عمر: أنا يا رسول الله؟ فقال: (لا، بل خاصف النعل)، وأشار إلى علي (ع).
وقال أبو العباس في الكامل: يقال: إن أول من لفظ بالحكومة ولم يشد (1) بها رجل من بنى سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر، من بنى صريم، يقال له الحجاج بن عبد الله، ويعرف بالبرك، وهو الذي ضرب آخرا معاوية على أليته، يقال:
إنه لما سمع بذكر الحكمين، قال: أيحكم أمير المؤمنين الرجال في دين الله! لا حكم إلا لله! فسمعه سامع، فقال: طعن والله فأنفذ.
قال أبو العباس: وأول من حكم بين الصفين رجل من بنى يشكر بن بكر