شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
بحكم الله، فمتى خالفاه، فأنا وأنتم من ذلك برآء، وأنتم تعلمون أن حكم الله لا يعدوني!
قالوا: اللهم نعم، قال: وكان معهم في ذلك الوقت ابن الكواء (1)، قال: وهذا من قبل أن يذبحوا عبد الله بن خباب، وإنما ذبحوه في الفرقة الثانية بكسكر (2)، فقالوا له:
حكمت في دين الله برأينا ونحن مقرون بأنا كنا كفرنا، ولكنا الان تائبون فأقر بمثل ما أقررنا به، وتب ننهض معك إلى الشام، فقال: أما تعلمون أن الله تعالى قد أمر بالتحكيم في شقاق بين الرجل وامرأته، فقال سبحانه: فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، وفى صيد أصيب كأرنب يساوى نصف درهم، فقال: يحكم به ذوا عدل منكم! فقالوا له: فإن عمرا لما لابن أبي عليك أن تقول في كتابك: (هذا ما كتبه عبد الله على أمير المؤمنين) محوت اسمك من الخلافة، وكتبت: (علي بن أبي طالب،) فقد خلعت نفسك، فقال: لي في رسول الله (ص) عليه أسوة حين أبى عليه سهيل بن عمرو، أن يكتب هذا كتاب كتبه محمد رسول الله (ص) وسهيل بن عمرو، وقال له: لو أقررت بأنك رسول الله ما خالفتك، ولكني أقدمك لفضلك، فاكتب محمد بن عبد الله، فقال لي: يا علي، امح رسول الله، فقلت: يا رسول الله، لا تشجعني نفسي على محو اسمك من النبوة، قال: فقضى عليه، فمحاه بيده، ثم قال:
(اكتب محمد بن عبد الله،) ثم تبسم إلى وقال: يا علي، أما إنك ستسام مثلها فتعطى، فرجع معه منهم ألفان من حروراء وقد كانوا تجمعوا بها، فقال لهم على: ما نسميكم؟ ثم قال: أنتم الحرورية، لاجتماعكم بحروراء (3) وروى جميع أهل السير كافة أن عليا (ع) لما طحن القوم طلب ذا الثدية طلبا

(1) ابن الكواء، هو عبد الله بن الكواء، من بنى يشكر بن بكر بن وائل (2) كسكر: كورة بين الكوفة والبصرة.
(3) الكامل 540 (طبعة أوروبا).
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست