شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ٢٣٠
وجاء الأحنف بن قيس عليا، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد رميت بحجر (1) الأرض، ومن حارب الله ورسوله أنف (2) الاسلام، وإني قد عجمت هذا الرجل - يعني أبا موسى - وحلبت أشطره، فوجدته كليل الشفرة قريب القعر، وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم، ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم منهم، (3 فإن شئت أن تجعلني حكما فاجعلني، وإن شئت أن تجعلني ثانيا أو ثالثا 3)، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حللتها، ولا يحل عقدة إلا عقدت لك أشد منها.
فعرض علي عليه السلام ذلك على الناس فأبوه، وقالوا: لا يكون إلا أبا موسى (4).
* * * قال نصر: مال الأحنف إلى علي عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، إني خيرتك يوم الجمل أن آتيك فيمن أطاعني أو أكف عنك بني سعد، فقلت: كف قومك، فكفى بكفك نصيرا، فأقمت بأمرك، وإن عبد الله بن قيس (5) رجل قد حلبت أشطره، فوجدته قريب القعر، كليل المدية، وهو رجل يمان وقومه مع معاوية؟ وقد رميت بحجر الأرض، وبمن حارب الله ورسوله، وإن صاحب القوم من ينأى حتى يكون مع النجم، ويدنو حتى يكون في أكفهم، فابعثني، فوالله لا يحل عنك عقدة إلا عقدت لك أشد منها، فإن قلت: إني لست من أصحاب رسول الله، فابعث رجلا من أصحاب رسول الله، وابعثني معه.

(١) في اللسان ٥: ٢٧٣: " ويقال: رمى فلان بحجر الأرض، إذا رمى بداهية من الرجال، وفي حديث الأحنف بن قيس: أنه قال لعلي حين سمى معاوية أحد الحكمين عمرو بن العاص: إنك رميت بحجر الأرض... ".
(٢) أنف كل شئ: أوله، يقال: سار في أنف النهار، أي أوله.
(٣ - ٣) وقعة صفين: " فإن تجعلني حكما فاجعلني، وإن أبيت أن تجعلني حكما فاجعلني ثانيا أو ثالثا ".
(٤) وقعة صفين 574.
(5) عبد الله بن قيس هو أبو موسى الأشعري.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن 3
2 26 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها العرب بما كانوا عليه قبل البعثة وشكواه من انفراده بعدها وذمه لمن بايع بشرط 19
3 حديث السقيفة 21
4 أمر عمرو بن العاص 61
5 27 - من خطبة له عليه السلام في الحث على الجهاد وذم المتقاعدين 74
6 استطراد بذكر كلام لابن نباتة في الجهاد 80
7 غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار 85
8 28 - ومن خطبة له عليه السلام في إدبار الدنيا وإقبال الآخرة والحث على التزود لها 91
9 نبذ من أقوال الصالحين والحكماء 93
10 استطراد بلاغي في الكلام على المقابلة 103
11 29 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتخاذلين 111
12 غارة الضحاك بن قيس ونتف من أخباره 113
13 30 - من خطبة له عليه السلام في معني قتل عثمان رضي الله عنه 126
14 اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله 129
15 31 - من كلام له عليه السلام لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته 162
16 من أخبار الزبير وابنه عبد الله 166
17 استطراد بلاغي في الكلام على الاستدراج 170
18 32 - من خطبة له عليه السلام في ذم الدهر وحال الناس فيه 174
19 فصل في ذكر الآيات والأخبار الواردة في ذم الرياء والشهرة 178
20 فصل في مدح الخمول والجنوح إلى العزلة 182
21 33 - ومن خطبة له عليه السلام عند مسيره لقتال أهل البصرة 185
22 من أخبار يوم ذي قار 187
23 34 - من خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام 189
24 أمر الناس بعد وقعة النهروان 193
25 مناقب علي وذكر طرف من أخباره في عدله وزهده 197
26 35 - من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم 204
27 قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج 206
28 36 - ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان 265
29 أخبار الخوارج 265
30 37 - ومن كلام له عليه السلام يجرى مجرى الخطبة يذكر ثباته في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 284
31 الأخبار الواردة عن معرفة الإمام على بالأمور الغيبية 286
32 38 - من خطبة له عليه السلام في معني الشبهة 298
33 39 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتقاعدين عن القتال 300
34 أمر النعمان بن بشير مع علي ومالك الأرحبي 301
35 40 - ومن كلام له عليه السلام للخوارج لما سمع قولهم: " لا حكم إلا لله " 307
36 اختلاف الرأي في القول بوجوب الإمامة 310
37 من أخبار الخوارج أيضا 310
38 41 - ومن خطبة له عليه السلام في مدح الوفاء وذم الغدر 312
39 42 - ومن خطبة له عليه السلام يحذر فيها اتباع الهوى وطول الأمل 318
40 43 - ومن خطبة له عليه السلام وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله إلى معاوية بجرير بن عبد الله البجلي 322
41 ذكر ما أورد القاضي عبد الجبار من دفع ما تعلق به الناس على عثمان من الأحداث 324
42 رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان. 328