وجاء الأحنف بن قيس عليا، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد رميت بحجر (1) الأرض، ومن حارب الله ورسوله أنف (2) الاسلام، وإني قد عجمت هذا الرجل - يعني أبا موسى - وحلبت أشطره، فوجدته كليل الشفرة قريب القعر، وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم، ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم منهم، (3 فإن شئت أن تجعلني حكما فاجعلني، وإن شئت أن تجعلني ثانيا أو ثالثا 3)، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حللتها، ولا يحل عقدة إلا عقدت لك أشد منها.
فعرض علي عليه السلام ذلك على الناس فأبوه، وقالوا: لا يكون إلا أبا موسى (4).
* * * قال نصر: مال الأحنف إلى علي عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، إني خيرتك يوم الجمل أن آتيك فيمن أطاعني أو أكف عنك بني سعد، فقلت: كف قومك، فكفى بكفك نصيرا، فأقمت بأمرك، وإن عبد الله بن قيس (5) رجل قد حلبت أشطره، فوجدته قريب القعر، كليل المدية، وهو رجل يمان وقومه مع معاوية؟ وقد رميت بحجر الأرض، وبمن حارب الله ورسوله، وإن صاحب القوم من ينأى حتى يكون مع النجم، ويدنو حتى يكون في أكفهم، فابعثني، فوالله لا يحل عنك عقدة إلا عقدت لك أشد منها، فإن قلت: إني لست من أصحاب رسول الله، فابعث رجلا من أصحاب رسول الله، وابعثني معه.