قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال:
لما أراد الناس عليا أن يضع الحكمين، قال لهم: إن معاوية لم يكن ليضع لهذا الامر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص، وإنه لا يصلح للقرشي إلا مثله، فعليكم بعبد الله بن العباس، فارموه به، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حلها عبد الله، ولا يحل عقدة إلا عقدها، ولا يبرم أمرا إلا نقضه، ولا ينقض أمرا إلا أبرمه. فقال الأشعث:
لا والله، لا يحكم فينا مضريان حتى تقوم الساعة، ولكن اجعل رجلا من أهل اليمن إذ جعلوا رجلا من مضر، فقال علي عليه السلام: إني أخاف أن يخدع يمنيكم، فإن عمرا ليس من الله في شئ إذا كان له في أمر هوى. فقال الأشعث: والله لان يحكما ببعض ما نكره، وأحدهما من أهل اليمن، أحب إلينا من أن يكون بعض ما نحب في حكمهما وهما مضريان.
قال: وذكر الشعبي أيضا مثل ذلك (1).
* * * قال نصر: فقال علي عليه السلام: قد أبيتم إلا أبا موسى! قالوا: نعم، قال:
فاصنعوا ما شئتم، فبعثوا إلى أبي موسى - وهو بأرض من أرض الشام يقال لها عرض (2) قد اعتزل القتال - فأتاه مولى له، فقال: إن الناس قد اصطلحوا، فقال: الحمد لله رب العالمين، قال: وقد جعلوك حكما، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون!
فجاء أبو موسى حتى دخل عسكر علي عليه السلام، وجاء الأشتر عليا، فقال: يا أمير المؤمنين ألزني (3) بعمرو بن العاص، فوالذي لا إله غيره، لئن ملأت عيني منه لأقتلنه.