أما بعد، فإن الدنيا مشغلة عن غيرها، ولن يصيب صاحبها منها شيئا إلا له حرصا يزيده فيها رغبة، ولن يستغني صاحبها بما نال عما لم يبلغ (1)، ومن وراء ذلك فراق ما جمع، والسعيد من وعظ بغيره، فلا تحبط أبا عبد الله أجرك، ولا تجار معاوية في باطله، والسلام.
فكتب إليه عمرو الجواب:
أما بعد أقول، فالذي (2) فيه صلاحنا وألفتنا الإنابة إلى الحق، وقد جعلنا القرآن بيننا حكما، وأجبنا إليه، فصبر الرجل منا نفسه على ما حكم عليه القرآن، وعذره الناس بعد المحاجزة، والسلام.
فكتب إليه علي عليه السلام:
أما بعد، فإن الذي أعجبك من الدنيا مما نازعتك إليه نفسك، ووثقت به منها، لمنقلب عنك، ومفارق لك، فلا تطمئن إلى الدنيا، فإنها غرارة، ولو اعتبرت بما مضى لحفظت ما بقي، وانتفعت منها بما وعظت به، والسلام.
فأجابه عمرو:
أما بعد، فقد أنصف من جعل القرآن إماما، ودعا الناس إلى أحكامه، فاصبر أبا حسن، فإنا غير منيليك إلا ما أنالك القرآن، والسلام (3).
* * * قال نصر: وجاء الأشعث إلى علي عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أرى الناس إلا قد رضوا، وسرهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن،