قال إبراهيم: وروى أبو عبد الله المكي، قال: حدثنا سفيان بن عاصم بن كليب الحارثي عن أبيه، قال: أخبرني ابن عباس، قال: لقد حدثني معاوية أنه كان يومئذ قد قرب إليه فرسا له أنثى، بعيدة البطن من الأرض، ليهرب عليها، حتى أتاه آت من أهل العراق، فقال له: إني تركت أصحاب علي في مثل ليلة الصدر (1) من منى، فأقمت، قال: فقلنا له: فأخبرنا من هو ذلك الرجل؟ فأبى وقال: لا أخبركم من هو.
* * * قال نصر وإبراهيم أيضا: وكتب معاوية إلى علي عليه السلام:
أما بعد، فإن هذا الامر قد طال بيننا وبينك، وكل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه، ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير، وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى، وإنا سوف نسأل عن هذه المواطن، ولا يحاسب (به) (2) غيري وغيرك، وقد دعوتك إلى أمر لنا ولك فيه حياة وعذر، وبراءة وصلاح للأمة، وحقن للدماء، وألفه للدين، وذهاب للضغائن والفتن، أن نحكم بيني وبينكم حكمين مرضيين، أحدهما من أصحابي، والآخر من أصحابك، فيحكمان بيننا بما أنزل الله، فهو خير لي ولك، وأقطع لهذه الفتن، فاتق الله فيما دعيت إليه، وارض بحكم القرآن إن كنت من أهله والسلام.
فكتب إليه علي عليه السلام:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد، فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما حسن به (3 فعله، واستوجب فضله، وسلم من عيبه 3)،