بحمد الله لك الخلف، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا نصرك، فاقرع الحديد بالحديد، واستعن بالله الحميد.
ثم قام عمرو بن الحمق، فقال: يا أمير المؤمنين، إنا والله ما أجبناك ولا نصرناك على الباطل، ولا أجبنا إلا الله، ولا طلبنا إلا الحق، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوتنا إليه لاستشرى (1) فيه اللجاج، وطالت فيه النجوى، وقد بلغ الحق مقطعه، وليس لنا معك رأي.
فقام الأشعث بن قيس مغضبا، فقال: يا أمير المؤمنين، إنا لك اليوم على ما كنا عليه أمس، وليس آخر أمرنا كأوله، وما من القوم أحد أحنى على أهل العراق ولا أوتر لأهل الشام مني! فأجب القوم إلى كتاب الله عز وجل، فإنك أحق به منهم، وقد أحب الناس البقاء، وكرهوا القتال.
فقال علي عليه السلام: هذا أمر ينظر فيه.
فتنادى الناس من كل جانب الموادعة.
فقال علي عليه السلام: أيها الناس، إني أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية، وعمرو بن العاص، وابن أبي معيط، وابن أبي سرح، وابن مسلمة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني أعرف بهم منكم، صحبتهم صغارا ورجالا، فكانوا شر صغار، وشر رجال، ويحكم إنها كلمة حق يراد بها باطل! إنهم ما رفعوها أنهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة! أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه، ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا.
فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد، شاكي السلاح سيوفهم على