مأمورا، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا، وقد أحببتم البقاء، وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون ثم قعد.
قال نصر: ثم تكلم رؤساء القبائل، فكل قال ما يراه ويهواه، إما من الحرب أو من السلم، فقام كردوس بن هانئ البكري فقال: أيها الناس، إنا والله ما تولينا معاوية منذ تبرأنا منه، ولا تبرأنا من علي منذ توليناه، وإن قتلانا لشهداء، وإن أحياءنا لأبرار، وإن عليا لعلى بينة من ربه، وما أحدث إلا الانصاف، فمن سلم له نجا، ومن خالفه هلك.
ثم قام شقيق بن ثور البكري، فقال: أيها الناس، إنا دعونا أهل الشام إلى كتاب الله، فردوه علينا، فقاتلناهم عليه، وإنهم قد دعونا اليوم إليه (1)، فإن رددناه عليهم.
حل لهم منا ما حل لنا منهم، ولسنا نخاف أن يحيف الله علينا ورسوله، ألا إن عليا ليس بالراجع الناكس، ولا الشاك الواقف، وهو اليوم على ما كان عليه أمس، وقد أكلتنا هذه الحرب، ولا نرى البقاء إلا في الموادعة (2).
* * * قال نصر: ثم ن أهل الشام لما أبطا عنهم علم حال أهل العراق: هل أجابوا إلى الموادعة أم لا؟ جزعوا فقالوا: يا معاوية، ما نرى أهل العراق أجابوا إلى ما دعوناهم إليه، فأعدها جذعة (3)، فإنك قد غمرت بدعائك القوم، وأطمعتهم فيك.
فدعا معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص، فأمره أن يكلم أهل العراق، ويستعلم له ما عندهم، فأقبل حتى إذا كان بين الصفين، نادى: يا أهل العراق، أنا عبد الله بن