أو يدنو منها، ولكنه قد كان أقبل في جريدة خيل، على السماوة، حتى مر بواقصة (1) وشراف (2) والقطقطانة، مما والى ذلك الصقع، فوجهت إليه جندا كثيفا من المسلمين، فلما بلغه ذلك فر هاربا، فأتبعوه فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن، وكان ذلك حين طفلت (3) الشمس للإياب، فتناوشوا القتال قليلا كلا ولا (4)، فلم يصبر لوقع المشرفية (5)، وولى هاربا، وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلا، ونجا جريضا (6) بعد ما أخذ منه بالمخنق، فلأيا بلأى ما نجا. فأما ما سألتني أن أكتب لك برأيي فيما أنا فيه، فإن رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس معي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، لأنني محق والله مع المحق، ووالله ما أكره الموت على الحق، وما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا.
وأما ما عرضت به من مسيرك إلي ببنيك وبنى أبيك فلا حاجة لي في ذلك، فأقم راشدا محمودا، فوالله ما أحب أن تهلكوا معي إن هلكت، ولا تحسبن ابن أمك - ولو أسلمه الناس - متخشعا ولا متضرعا إنه لكما قال أخو بني سليم (7):
فإن تسأليني كيف أنت فإنني * صبور على ريب الزمان صليب يعز علي أن تري بي كآبة * فيشمت عاد أو يساء حبيب.
* * * قال إبراهيم بن هلال الثقفي: وذكر محمد بن مخنف أنه سمع الضحاك بن قيس بعد ذلك بزمان يخطب على منبر الكوفة، وقد كان بلغه أن قوما من أهلها يشتمون عثمان