خرقة الملح. ودنا من الشط فاغترف بكفيه من الماء، وقال:
يا سيدي ومولاي! لك الحمد على هذه النعمة التي تفضلت بها علي، فلك الحمد على أياديك عندي، فلك الحمد ولك الشكر.
ثم وضع رأسه على كرزنه وتمدد على الرمل ساعة. ثم قام فتهيأ للصلاة وقام يصلي للزوال. فقال الأمير للغلمان الوقوف عنده: ليذهب بعضكم إلى الرجل القائم المصلي فيأتيني به مع طبقه وكرزنه، ولا يرعبه، وعليه باللطف حتى يأتيني به. فمضى بعض الغلمان فأتاه فأقام عنده حتى سلم، ثم قال له: قم معي حتى تحمل لي متاعا من قصر الأمير. فقال: اطلب غيري فإني متعوب البدن. قال: الموضع قريب والحمل خفيف. قال:
يا حبيبي! قد عرفت ذلك وأنت تصيب غيري، فاعفني فإني أكره دخول الدار. قال: لا بد منه، فإن قمت وإلا أقمت. وغلظ له في الكلام. فقام الرجل وألقى كرزنه في عنقه وحمل الطبق، وقرأ:
* (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) * [البقرة: 216] * (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * [النساء: 19] فأدخله الغلام القصر، ثم أصعده حتى أوقفه بين يدي الأمير على هيئته، فأمره بالقعود. فقال له الندماء: أيها الأمير! من هذا حتى تأمره بالقعود مع وسخه ونجاسته؟ قال اسكتوا! ثم قال:
من أهلها أنت؟ قال: نعم. قال: ما صناعتك؟ قال: ما ترى، الحمل.
قال: وكم عيالك؟ قال: نحن عيال الله، لي والدة عجوز مقعدة، وأخت عمياء زمنة. قال: فأهل وولد؟ قال: مالي أهل ولا ولد.