وجدتني نائما. فمضى، فلم يكن بأسرع من أن رجع، فقال: قد قال:
ادخل عليه ونبهه. وكان لا يصبر عنه ساعة. فقام وهو كاره، فحضر الطعام. ثم قعد أمير المؤمنين للشراب مع ندمائه. فقام علي وخرج من المجلس; وكان لا يشرب شيئا من الأنبذة. فانصرف إلى قصره، وأمر أن يفرش له في بعض مستشرفه على دجلة، وألقى فيه الماء والثلج والخلاف، وقعد على سرير عليه غلالة ينظر إلى الناس وإلى دجلة. ودعا بقيانه وندمائه. فبينا هو كذلك، إذ نظر إلى حمال قد أقبل عند الزوال، عليه دراعة صوف بيضاء بالية بلا قميص تحتها ولا سراويل عليه; وقد شد على رجليه خرقا من الحر ولبس نعلين متخرقين، وعلى رأسه خرقة، وعلى عنقه كرزنه وطبقه، فأتى دجلة وقعد في بعض السفن، والأمير ينظر إليه مستشرف عليه لا يصرف بصره عنه. فوضع طبقه وكرزنه، وخلع نعليه، وألقى الخرق عن رجليه، ودنا من دجلة وغسل يديه ورجليه; وانصرف إلى موضعه فأخرج جرابا له ففتحه وأخرج منه كسرا يابسة مختلفة الألوان وأخرج منه قصعة خشب فغسل قصعته وجعل فيها ماء وألقى تلك الكسر في الماء الذي في القصعة، ثم أخرج صرة ففتحها وأخرج منها ملحا فنثره على الخبز وقليل سعتر وتركها مقدار ما بل الكسر. ثم تربع على الرمل وسمى الله تبارك وتعالى وأكل أكل رجل يشتهي الطعام، وهو مع ذلك يشكر الله تعالى; والأمير عيناه اليه.
حتى فرغ وغسل القصعة فردها إلى جرابه مع كسيرات بقيت، وشد