فلما رآها أنكرها. فنادت: أنا غضيض أمتك، أتاني النذير فقرع مسامعي وعيده، وقد قضيت مني وطرا وقد أتيتك لتعتقني من رق الدنيا. فقال هشام: شتان ما بين الطربين وأنت في طربك! اذهبي، فأنت حرة لوجه الله تعالى، قال: أي موضع تقصدين؟ كما قالت: أؤم بيت الله الحرام. قال انطلقي، فلا سبيل لأحد عليك. فخرجت من دار الخلافة زاهدة في الدنيا، راغبة في الآخرة، سائحة على وجهها حتى بلغت مكة. وأقامت مجاورة صائمة قائمة تعود على نفسها بالغزل في قوتها. فإذا أمست طافت، ثم تدخل الحجر وتقول: يا ذخري أنت عدتي، لا تقطع رجائي وأنلني مناي وأحسن منقلبي وأجزل عطائي. فلم تزل في الاجتهاد حتى غير مر الجديدين الليل والنهار بشرتها، وطول القيام جسمها، وكثرة البكاء عينيها، وأقرح المغزل بنانها، حتى توفيت - رحمة الله عليها - على ذلك.
63 - [توبة الأمير حميد بن جابر] أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي، أنا أحمد بن أحمد، أنا أحمد ابن عبد الله الحافظ قال: حدثني إبراهيم بن نصر، أنا جعفر بن محمد ابن نصير قال: حدثني إبراهيم بن بشار، قال: