13 - [توبة امرئ القيس] وروى المرزباني عن الأزدي، قال: كان امرؤ القيس الكندي، وهو مخرق الأول، طويل المصاحبة للهو واللذات، كثير العكوف على اللعب. فركب يوما إما متبديا وإما متصيدا، فانقطع عن أصحابه. فإذا هو برجل جالس قد جمع عظاما من عظام الموتى وهي بين يديه يقلبها. فقال: ما قصتك أيها الرجل وما بلغ بك إلى ما أرى من سوء الحال وشسوف الجسم وتلويح اللون والانفراد في هذه الفلاة؟ فقال: أما ذلك فلأني على جناح سفر بعيد، وبي موكلان مزعجان يحدوان بي إلى منزل ضنك المحل، مظلم القعر، كريه المقر.
ثم يسلماني إلي مصاحبة البلى ومجاورة الهلكى تحت أطباق الثرى. فلو تركت بذلك المنزل مع جفائه وضيقه ووحشته وارتعاء خشاش الأرض في لحمي وعصبي حتى أعود رفاتا وتصير أعظمي رمما، كان للبلاء انقضاء وللشقاء نهاية، ولكني أدفع بعد ذلك إلى صبيحة الحشر وأرد لهول مواقف الجزاء. ثم لا أدري إلى أي الدارين