فجلست له على الطريق. فلما مر، ناديته: يا أمير المؤمنين! لك عندي وديعة. ولوحت بالخاتم; فأمر بي، فأخذت وحملت حتى أدخلت إلى داره. ثم دعاني، ونحى جميع من عنده، وقال: من أنت؟ قلت:
عبد الله بن الفرج. فقال: هذا الخاتم من أين لك؟ فحدثته قصة الشاب. فجعل يبكي، حتى رحمته; فلما أنس إلي قلت: يا أمير المؤمنين! من هو منك؟ قال: ابني. قلت: كيف صار إلى هذه الحال:
قال: ولد لي قبل أن أبتلى بالخلافة، فنشأ نشوءا حسنا وتعلم القرآن والعلم. فلما وليت الخلافة تركني، ولم ينل من دنياي شيئا. فدفعت إلى أمه هذا الخاتم - وهو ياقوت يسوى مالا كثيرا - فدفعته إليها، وقلت: تدفعين هذا إليه - وكان برأ بأمه - وتسألينه أن يكون معه، فلعله أن يحتاج إليه يوما من الأيام فينتفع به. وتوفيت أمه; فما عرفت له خبرا إلا ما أخبرتني به أنت. ثم قال: إذا كان الليل اخرج معي إلى قبره. فلما كان الليل خرج وحده معي يمشي حتى أتينا قبره، فجلس إليه، فبكى بكاء شديدا. فلما طلع الفجر قمنا فرجع. ثم قال: تعاهدني في الأيام حتى أزور قبره، فكنت أتعاهده في الليل، فنخرج حتى نزوره، ثم نرجع. قال عبد الله بن الفرج: ولم أعلم أنه ابن الرشيد حتى أخبرني الرشيد أنه ابنه - أو كما قال ابن أبي الطيب.