فدخلت على هذا الفتى صبيحة ليلته من هذه الرؤيا، فقصها علينا، وقال: ما أرى الأمر إلا كما قال أبي، ولا أرى الموت إلا قد أظلني.
قال: فجعل يفرق ماله ويقضي ما عليه من الدين ويستحل خلطاءه ومعامليه ويحللهم ويسلم عليهم ويودعهم ويودعونه، كهيئة رجل قد أنذر بأمر فهو يتوقعه. وكان يقول: قال أبي: فبادر! ثم بادر! ثم بادر! فهذه ثلاث، فهي ثلاث ساعات قد مضت فليست بها، أو ثلاثة أيام وأنى لي بها، أو ثلاثة أشهر وما أراني أدركها، أو ثلاث سنين فهو أكثر من ذلك، وما أحب أن يكون ذلك كذلك.
قال: فلم يزل يعطي ويقسم ويتصدق ثلاثة أيام، حتى إذا كان في آخر اليوم الثالث من صبيحة هذه الرؤيا دعا أهله وولده فودعهم وسلم عليهم. ثم استقبل القبلة، فمدد نفسه وأغمض عينيه وتشهد شهادة الحق، ثم مات رحمه الله تعالى. قال: فمكث الناس حينا ينتابون قبره من الأمصار فيصلون عليه.
59 - [توبة ملك من ملوك البصرة] وأنبأنا المبارك بن علي، أنا هبة الله بن أحمد الجريري، أنا أبو طالب العشاري، أنا محمد بن عبد الله الدقاق، أنا الحسن بن صفوان،