وكان قد عمل فيه الشراب. فخرج الغلمان يطوفون; فإذا هم بشاب نحيل الجسم، دقيق العنق، مصفر اللون، ذابل الشفتين، شعث الرأس، قد لصق بطنه بظهره، عليه طمران ما يتوارى بغيرهما، حافي القدمين، قائم في بعض المساجد يناجي ربه تعالى. فأخرجوه من المسجد وانطلقوا به لا يكلمونه، حتى أوقفوه بين يديه. فنظر إليه فقال: من هذا؟ قالوا: صاحب النغمة التي سمعت. قال: أين أصبتموه؟
قالوا: في المسجد قائما يصلي ويقرأ. فقال: أيها الشاب! ما كنت تقرأ؟ قال: كلام الله. قال: فأسمعني بتلك النغمة. فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم * (إن الأبرار لفي نعيم) * إلى قوله:
* (يشرب بها المقربون) * [المطففين: 22 - 28]; أيها المغرور!
إنها خلاف مجلسك ومستشرفك به وفرشك; إنها أرائك مفروشة بفرش مرفوعة * (بطائنها من إستبرق) * [الرحمن: 54]، * (على رفرف خضر وعبقري حسان) * [الرحمن: 76] يشرف ولي الله منها على عينين تجريان في جنتين * (فيهما من كل فاكهة زوجان) * [الرحمن: 52] * (لا مقطوعة ولا ممنوعة) * الواقعة: 33] * (في عيشة راضية) * [الحاقة: 21] * (في جنة عالية) * إلى قوله:
* (وزرابي مبثوثة) * [الغاشية: 10 - 16] * (في ظلال وعيون) * [المرسلات: 41] * (أكلها دائم وظلها تلك عقبي