ومن مظاهر حبه للعلم وحرصه عليه ما ورد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه حيث جاءه رجل فسأله عن شئ فقال له زيد: عليك أبا هريرة (1)، فإني كنت أنا وأبو هريرة وآخر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ادعوا " فدعوت أنا وصاحبي وأمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسي، فأمن النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: ونحن كذلك يا رسول الله! فقال: " سبقكما الغلام الدوسي ". (2) وذكره الحافظ ابن حجر وقال:
" وفيه الحث على حفظ العلم " (3).
ونرى أيضا حرصه في العلم والعمل به وتعليمه لغيره بوضوح في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أخذ من أمتي خمس خصال فيعمل بهن، أو يعلمهن من يعمل بهن؟ قال: قلت أنا يا رسول الله!، قال: فأخذ بيدي فعدهن فيها، ثم قال: " اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب " (4).
وعرفنا مما سبق معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص أبي هريرة على الحديث فكان كثيرا يحدثه مخاطبا له، كما روى عنه الإمام إسحاق بإسناده قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نخل من نخل المدينة فقال رسول الله صلى الله وسلم: يا أبا هريرة! هلك