وقال الحاكم النيسابوري ناقلا عن إمام الأئمة وشيخ شيوخه ابن خزيمة أنه ذكر أبا هريرة رضي الله عنه فقال: " كان من أكثر أصحابه عنه رواية فيما انتشر من روايته ورواية غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مخارج صحاح، وقد روى عنه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه مع جلالة قدره ونزول رسول اله صلى الله عليه وسلم عنده " (1). وقال أبو الشعثاء: قدمت المدينة فإذا أبو أيوب الأنصاري يحدث عن أبي هريرة فقلت: تحدث عن أبي هريرة وأنت صاحب منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لأن أحدث عن أبي هريرة أحب إلى من أن أحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).
قال الحاكم: " قد تحريت الابتداء من فضائل أبي هريرة رضي الله عنه لحفظه لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وشهادة الصحابة والتابعين له بذلك فإن كل من طلب حفظ الحديث من أول الإسلام وإلى عصرنا هذا فإنهم من اتباعه وشيعته إن هو أولهم وأحقهم باسم الحفظ " (3).
ثم قال أيضا: " أنا ذاكر بمشيئة الله عز وجل في هذا رواية أكابر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين... " فذكرهم ثم قال: " فقد بلغ عدد من روى عن أبي هريرة من الصحابة ثمانية وعشرين رجلا، فأما التابعون فليس فيهم أجل ولا أشهر وأشرف وأعلم من أصحاب أبي هريرة " (4).
فحقا كما ذكر الحاكم رحمه الله تعالى يتبين لنا صدق ما قاله من خلال النظر في قائمة تلاميذه الذين ذكرهم البخاري وقدر عددهم بثمانمائة أو أكثر، وأثبت إحصائية الأستاذ عبد المنعم صدق ما قاله البخاري ودقته، حيث قال - في نهاية المطاف من الاحصائية -:
" فإذا أضفنا هؤلاء أي المبهمات من الرواة عنه - إلى الأسماء الواضحة التي أحصيناها فإن العدد يرتفع إلى (766) راويا " (5).