بل هو أشهر من سكن الصفة واستوطنها طول عمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينتقل عنها وكان عريف من سكن الصفة من القاطنين ومن نزلها من الطارقين " (1).
" وكان أهل الصفة ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا منازل لهم، فكانوا ينامون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ويظلون فيه ما لهم مأوى غيره، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إليه بالليل، إذا تعشى فيفرقهم على أصحابه وتتعشى طائفة منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء الله بالغنى " (2).
وأبو هريرة من بينهم يسعد بشرف خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخبر عن نفسه فقال: " كنت رجلا مسكينا أخدم رسول لله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني...، وجاء في رواية: كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. " (3).
وبهذا حاز أبو هريرة رضي الله عنه شرف الخدمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف الصبر على الفقر مع أصحاب الصفة، ونال فضلهم وأجرهم، إذ شهد لهم القرآن بأن انقطاعهم كان في سبيل الله، حيث ورد في تفسير قوله تعالى:
(وللفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض) (البقرة: آية 273). بأنهم هم أصحاب الصفة (4)، لا مانع ونحن مع أهل الصفة أن نذكر نموذجا من جوعه:
قال أبو هريرة رضي الله عنه: " والله إن كنت لأعتمد - يكبدي - على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر بي أبو بكر رضي الله عنه فسألته عن