الجوع. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: " لقد رأيتني أصرع بين القبر والمتبر من الجوع حتى يقولوا مجنون " (1).
وكان يتحدث أبو هريرة عن تلك الأيام الشدائد بعدما أغناه الله تعالى متحدثا بنعمة ربه وشاكرا له، فيروي البخاري بسنده عن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى قال: كنا عند أبي هريرة رضي الله عنه وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط فقال: بخ بخ، أبو هريرة يتمخط في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجره عائشة رضي الله عنها مغشيا علي، فيجئ الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أني مجنون، وما بي جنون، ما بي إلا الجوع " (2).
وعلق الذهبي عليه فقال: " كان يظنه من يراه مصروعا فيجلس فوقه ليرقيه أو نحو ذلك " (3).
فهذا هو أبو هريرة الجائع الصابر المحصر في سبيل الله لطلب العلم.
جهاد أبي هريرة رضي الله عنه:
" أسرف أعداء أبي هريرة رضي الله عنه على أنفسهم فسلبوه كل ما يظهر بمظهر الشرف والبذل في سبيل الله وتجاهلوا أنه واحد من أولئك الصحابة الكرام الذين لم يتخلف منهم أحد عن مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما كان من ثلاثة منهم في غزوة تبوك وتاب الله عليهم " (4).
" إن أبا هريرة بسبب تأخر هجرته لم يحضر المعارك الإسلامية الأولى كبدر واحد والخندق... لكن حضر جميع المعارك المتأخرة ولم يتخلف عن واحدة منها " (5).