وما من كتاب من مدونات السنة إلا وأبو هريرة يحتل المقدمة في الغالب فحديثه مخرج في الصحاح والسنن والمصنفات والمسانيد والمعاجم والجوامع، وكتب السيرة وغيرها من الكتب المعتمدة.
وتشمل أحاديثه جميع أبواب الفقه تقريبا ولعل ذلك يتضح للناظر في فهرس أحاديثه للقسم الموجود من مسنده في مسند إسحاق - في أول المجلد الرابع - وقد رتبت هذه البقية من أحاديثه والتي بلغت 543 - حديثا على أبواب الفقه فهذا الفهرس يكشف لنا محتوى مسنده والمكررات فيه فراجعه إن شئت في آخر الكتاب ".
ومن هذا يتبين لنا مراد المحدثين بذكر مثل هذه الأعداد في محفوظاتهم أن فلانا كان يحفظ مائة ألف حديث ونحو ذلك فليس المراد بذلك عدد المتون، كما هو معروف عند أهل الفن وإنما المراد بذلك التعدد هو تعدد الطرق، ولو باختلاف راو واحد في الإسناد فيعتبر هذا حديثا مستقلا عندهم.
فالعدد الذي رواه بقي بن مخلد لأبي هريرة رضي الله عنه إنما هو باعتبار الطرق والرواة عنه، وسواء أكانت هذه الطرق صحيحة أم غير صحيحة فلا محالة تجد في هذا العدد المكرر باللفظ أو بالمعنى كما تشاهد ذلك من فهارس مسند أبي هريرة من مسند إسحاق وكما سبق ذكره في مسند أحمد وهو خير دليل لذلك، فهم يعدون المكرر والضعيف والواهي والموضوع وكل ما أسند إليه بأي وصف كان ومن هنا فالعدد الصافي من حديثه بعد حذف المكرر وغير الثابت منه لا يكون إلا أقل بقليل مما ذكر من العدد ولم يتفرد أبو هريرة رضي الله عنه في هذا العدد المذكور، بل شاركه غيره من الصحابة إلا في القليل النادر جدا، فإذا لا يغرنك إيهام الأعداء وتلبيس الحاقدين على الصحابة ولا سيما على أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد ثبت لنا أن العدد المذكور باعتبار المتون أقل من المذكور بكثير وليس فيه أي غرابة ولا إعجاب لحافظ مثل أبي هريرة أن يروي في حدود ثلاثة آلاف حديث تقريبا على حد الأكثر باعتبار المتون، فهذا العدد لا يستغرب لغيره فضلا لحافظ مثل أبي هريرة رضي الله عنه، الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم مدة حياته صلى الله عليه وسلم