عالما نبيلا متمولا. وقال ابن أبي الدنيا: أخبرت عن موسى بن داود قال: ما رأيت أحفظ من علي بن الجعد، وكنا عند ابن أبي ذئب فأملى علينا عشرين حديثا فحفظها وأملاها علينا. وقال صالح بن محمد: سمعت خلف بن سالم يقول: صرت أنا وأحمد بن حنبل وابن معين إلى علي بن الجعد فأخرج إلينا كتبه وألقاها بين أيدينا وذهب، وظننا أنه يتخذ لنا طعاما، فلم نجد في كتبه إلا خطا واحدا، فلما فرغنا من الطعام قال:
هاتوا، فحدث بكل شئ كتبناه حفظا. وقيل ليحيى بن معين: أيما أحب إليك في شعبة آدم أو علي بن الجعد؟ فقال: كلاهما ثقة، فقلت: فأيهما أحب إليك؟ فقال اكتب عن علي مسند شعبة واضرب على جنبيه، وسئل عبدوس النيسابوري عن حال علي بن الجعد فقال: ما أعلم أني لقيت أحفظ منه. وقال موسى بن الحسن الصقلي قال: سمعت يحيى بن معين وذكر لي علي بن الجعد فقال: رباني العلم. وقال أبو حاتم الرازي: كان متقنا صدوقا، ولم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد ولا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، ويحيى الحماني في حديث شريك، وعلي بن الجعد في حديثه.
من ذكره بجرح من العلماء: قال الإمام مسلم: ثقة لكنه جهمي. قلت:
الجهمية فرقة نسبت إلى جهم بن صفوان وكان مذهبه أن لا اختيار لشئ من الحيوانات في شئ مما يجري عليهم فإنهم كلهم مضطرون لا استطاعة لهم بحال. ومن مقالات الجهمية: إن الجنة والنار يفنيان كما يفنى سائر الأشياء، ومن مقالاتهم: إن علم الله تعالى حادث، وإنه لا يعلم ما يكون حتى يكون. ومن مقالاتهم: كلام الله حادث ولكن لا يجوز أن يسمى متكلما به. ولعل من باب هذا القول الأخير قيل في ابن الجعد: إنه جهمي فإنه كان مما أجاب في مسألة القول بخلق القرآن، والمعلوم أن من أكره بالقتل على القول الكفري فليس في حرج. ومما يرد هذا القول ما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه عن أبي علي الحسين بن إسماعيل الفارسي قال: سألت عبدوس بن عبد الله بن محمد بن مالك بن هانئ النيسابوري عن حال علي بن الجعد فقال: ما أعلم أني لقيت أحفظ منه، فقلت: كان يتهم بالتجهم فقال: قد قيل هذا، ولم يكن كما قالوا، وكان قد لقي المشايخ فزهدت فيه بسبب هذا القول - أي ما قيل عنه إنه جهمي - ثم ندمت بعد. أما قول الإمام أحمد بن حنبل: إنه يقع في الصحابة