فقلت: هل قال هذا القول أحد غيري؟ قالوا: نعم، قاله هلال بن أمية ومرارة بن ربيعة (1)، فذكروا رجلين صالحين قد شهدا بدرا، لي فيهما أسوة، فقلت: لا، والله لا أرجع إليه في هذا أبدا، ولا أكذب نفسي، قال: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامنا أيها الثلاثة، قال: فجعلت أخرج إلى السوق فلا يكلمني أحد، وتنكر لنا الناس، حتى ما هم بالذين (2) نعرف، وتنكرت لنا الحيطان، حتى ما هي بالحيطان التي تعرف لنا (3)، وتنكرت لنا الأرض، حتى ما هي بالأرض التي نعرف، وكنت أقوى الناس، فكنت أخرج في السوق، وآتي (4) المسجد فأدخل، وآتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، فأقول: هل حرك شفتيه بالسلام، فإذا قمت أصلي إلى سارية فأقبلت قبل صلاتي، نظر إلي بمؤخر عينيه، وإذا نظرت إليه أعرض عني، قال: واستكان صاحباي فجعلا يبكيان الليل والنهار، لا يطلعان رؤوسهما، فبينا أنا أطوف في السوق، إذا رجل نصراني جاء بطعام له يبيعه يقول: من يدلني على كعب بن مالك؟ قال: فطفق الناس يشيرون له إلي، فأتاني، وأتاني بصحيفة من ملك غسان (5)، فإذا
(٤٠٢)