فلما استوى وبلغ أشده، وليس له كثير مال، استأجرته خديجة ابنه خويلد، إلى سوق حباشة (1) - وهو سوق بتهامة - واستأجرت معه رجلا آخر من قريش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عنها: ما رأيت من صاحبة أجير خيرا من خديجة، ما كنا نرجع أنا وصاحبي إلا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبئه لنا، قال: فلما رجعنا من سوق حباشة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قلت لصاحبي: انطلق بنا نحدث (2) عند خديجة، قال: فجئناها، فبينا نحن عندها، إذ دخلت علينا منتشية (3) من مولدات قريش - والمنتشية: الناهد التي تشتهي الرجل - قالت: أمحمد هذا؟ والذي يحلف به إن جاء لخاطبا، فقلت: كلا، فلما خرجنا (4) أنا وصاحبي، قال: أمن خطبة خديجة تستحي؟ فوالله ما من قرشية إلا تراك لها كفوا، قال:
فرجعت إليها مرة أخرى، فدخلت علينا تلك المنتشية، فقالت:
أمحمد هذا؟ والذي يحلف به إن جاء لخاطبا، قال: قلت على حياء: أجل، قال: فلم تعصنا خديجة ولا أختها، فانطلقت إلى أبيها خويلد بن أسد - وهو ثمل (5) من الشراب - فقالت: هذا ابن