من مجمرها في ثياب الكعبة، فأحرقتها، ووهت، فتشاورت قريش في هدمها، وهابوا هدمها، فقال لهم الوليد بن المغيرة: ما تريدون بهدمها؟ الاصلاح تريدون أم الإساءة؟ فقالوا: بل الاصلاح، قال: فإن الله لا يهلك المصلح، قالوا: فمن الذي يعلوها، فيهدمها؟ قال الوليد: أنا أعلوها، فأهدمها، فارتقى الوليد بن المغيرة على ظهر البيت، ومعه الفأس، فقال: اللهم إنا لا نريد إلا الاصلاح، ثم هدم، فلما رأته قريش قد هدم منها، و لم يأتهم ما خافوا من العذاب، هدموا معه، حتى إذا بنوها، فبلغوا موضع الركن، اختصمت (1) قريش في الركن، أي القبائل ترفعه؟
حتى كاد يشجر بينهم، فقالوا: تعالوا نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة (2)، فاصطلحوا على ذلك، فطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو غلام عليه وشاح نمرة، فحكموه، فأمر بالركن، فوضع في ثوب، ثم أمر بسيد كل قبيلة، فأعطاه بناحية الثوب، ثم ارتقى، ورفعوا إليه الركن، فكان هو يضعه (3).
ثم طفق لا يزداد فيهم يمر (4) السنين إلا رضى، حتى سموه الأمين، قبل أن ينزل عليه الوحي، ثم طفقوا لا ينحرون جزورا لبيع، إلا دروه (5) فيدعو لهم فيها.