اقتحمت (1) الحائط خارجا، حتى إذا مضت خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، صليت على ظهر بيت لنا صلاد الفجر، ثم جلست، وأنا في المنزلة التي قال الله (وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم) (2) إذ سمعت نداء من ذروة سلع (3):
أن أبشر يا كعب بن مالك! فخررت ساجدا، وعرفت أن الله قد جاءنا بالفرح، ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني، فكان الصوت أسرع من فرسه، فأعطيته ثوبي بشارة، ولبست ثوبين آخرين، قال: وكانت توبتنا نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! ألا نبشر كعب بن مالك؟ قال: إذا يحطمكم (4) الناس، ويمنعونكم النوم سائر الليلة، قال: وكانت أم سلمة محسنة (5) في شأني، تحزن بأمري، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو جالس في المسجد، وحوله المسلمون، وهو يستنير (6) كاستنارة القمر، وكان إذا سر بالامر استنار، فجئت، فجلست بين يديه، فقال: أبشر يا كعب بن مالك! بخير يوم أتى عليك منذ ولدتك أمك، قال: قلت: يا نبي الله، أمر من عند الله، أم من عندك؟
قال: بل من عند الله، ثم تلا عليهم (لقد تاب الله على النبي