ترضعه فزعة، حتى أتته، فإذا هو جالس منتقعا (1) لونه، لا ترى عنده أحدا، فارتحلت به، حتى أقدمته على أمه، فقالت لها: اقبضي عني ابنك، فإني قد خشيت عليه، فقالت أمه: لا والله، ما بابني [ما] (2) تخافين، لقد رأيت وهو في بطني أنه خرج نور مني أضاءت منه قصور الشام، ولقد ولدته حين ولدته فخر معتمدا على يديه، رافعا رأسه إلى السماء، فافتصلته (3) أمه وجده عبد المطلب، ثم توفيت أمه، فهم (4) في حجر جده، فكان - وهو غلام - يأتي وسادة جده، فيجلس عليها، فيخرج جده وقد كبر، فتقول الجارية التي تقوده: انزل عن وسادة جدك، فيقول عبد المطلب، دعي ابني فإنه محسن بخير، ثم توفي جده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم غلام، فكفله أبو طالب، وهو أخو عبد الله لأبيه وأمه، فلما ناهز الحلم، ارتحل به أبو طالب تاجرا قبل الشام، فلما نزلا تيماء رآه حبر من يهود تميم (5)، فقال لأبي طالب:
ما هذا الغلام منك؟ فقال: هو ابن أخي، قال له: أشفيق أنت عليه؟
قال: نعم، قال: فوالله لئن قدمت به إلى الشام لا تصل به إلى أهلك أبدا، ليقتلنه، إن هذا عدوهم، فرجع أبو طالب من تيماء (6) إلى مكة.
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم، أجمرت امرأة الكعبة، فطارت شرارة