لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (38) يعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يفتح له، ما ترك بيضاء ولا صفراء الا سبع مأة درهم فضل من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله.
وقال أبو الفرج - بعد ذكر هذه الخطبة باسناد آخر باختلاف طفيف في متنها -: ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه.
ثم قال (ع): أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله عز وجل باذنه، وانا ابن السراج المنير.
وانا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) (23 / 42) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.
قال أبو مخنف عن رجاله: ثم قام ابن عباس بين يديه فدعا الناس إلى بيعته، فاستجابوا له وقالوا: ما أحبه الينا، وأحقه بالخلافة، فبايعوه ثم نزل (ع) عن المنبر.
ولما بلغ نعي أمير المؤمنين (ع) إلى معاوية، فرح فرحا شديدا وقال:
ان الأسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه، ثم قال:
قال للأرانب ترعى أينما سرحت * وللضباء بلا خوف ولا وجل (39) وفي رواية الراغب عن شريك أنه قال: والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال: يا جارية غنيني، فاليوم قرت عيني.