فيدفنونه عند فاطمة عليها السلام، وأخرجوا بغلا وعليه جنازة مغطاة يوهمون انهم يدفنونه بالحيرة، وحفروا حفائر عدة، منها بالمسجد السهلة ومنها برحبة القصر - قصر الامارة - ومنها في حجرة من دور آل جعدة ابن هبيرة المخزومي، ومنها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسري بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد، ومنها في الكناسة ومنها في الثوية، فعمي على الناس موضع قبره ولم يعلم دفنه الا بنوه والخواص المخلصون من أصحابه، فإنهم خرجوا به عليه السلام وقت السحر، في الليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان، فدفنوه على النجف بالموضع المعروف بالغري بوصاة منه عليه السلام إليهم في ذلك، وعهد كان عهد به إليهم وعمي موضع قبره على الناس، واختلفت الأراجيف في صبيحة ذلك اليوم اختلافا شديدا، وافترقت الأقوال في موضع قبره الشريف وتشعبت، وادعى قوم ان جماعة من طي وقعوا على جمل في تلك الليلة، وقد أضله أصحابه ببلادهم وعليه صندوق، فظنوا فيه مالا، فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا به فدفنوا الصندوق بما فيه، ونحروا البعير واكلوه، وشاع ذلك في بني أمية وشيعتهم واعتقدوه حقا، فقال الوليد بن عقبة من أبيات يذكره عليه السلام فيها:
فان يك قد ضل البعير بحمله * فما كان مهديا ولا كان هاديا وقال اليعقوبي (ره) في بيان شهادته (ع) من تاريخه: ج 2، ص 202 ط النجف: وأقام (أمير المؤمنين) يومين (بعد ما ضربه ابن ملجم) ومات ليلة الجمعة أول ليلة من العشر الأواخر، من شهر رمضان سنة أربعين - ومن شهور العجم في كانون الاخر - وهو ابن ثلاث وستين سنة، وغسله الحسن ابنه بيده وصلى عليه وكبر عليه سبعا، وقال: اما انها لا تكبر على أحد بعده، ودفن بالكوفة في موضع يقال له: (الغري)